الثانية: انه الغاية التي خلق لأجلها ما سواه من السموات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر.
الثالثة: إن احذق الصناع يختم عمله بأحسنه وغايته كما يبدو بأساسه ومبادئه.
الرابعة: إن النفوس متطلعة إلى النهايات والأواخر دائماً، ولهذا قال موسى عليه السلام: للسحرة أولا: (أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُون) فلما رأى الناس فعلهم تطلعوا إلى ما يأتي بعده
الخامسة: إن الله سبحانه أخر أفضل الكتب والأنبياء والأمم إلى أخر الزمان، وجعل الآخرة خير من الأولى، والنهايات أكمل من البدايات؛ فكم بين قول الملك للرسول : اقرأ. فيقول ما أنا بقارئ ويبين قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)
السادسة: انه سبحانه جمع ما فرقه في العالم في ادم، فهو العالم الصغير وفيه ما في العالم الكبير.
السابعة: انه خلاصة الوجود وثمرته؛ فناسب أن يكون خلقه بعد الموجودات.
الثامنة: إن من كرامته على خالقه، انه هيا له مصالحه ، وحوائجه، وآلات معيشته، وأسباب حياته؛ فما رفع رأسه إلا وذلك كله حاضر عتيد.
التاسعة: انه سبحانه أراد إن يظهر شرفه على سائر المخلوقات؛ فقدمها عليه في الخلق؛ولهذا قالت الملائكة: ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقاً أكرم عليه منا. فلما خلق ادم وأمرهم بالسجود له ظهر فضله وشرفه عليهم بالعلم والمعرفة. فلما وقع في الذنب ظنت الملائكة إن ذلك الفضل قد نسخ ولم تطلع على عبودية التوبة الكامنة، فلما تاب إلى ربه أتى بتلك العبودية، علمت الملائكة إن الله خلقه سراَ لا يعلمه سواه.
العاشرة: انه سبحانه لما افتتح خلق هذا العالم بالقلم كان أحسن المناسبة إن يختمه بخلق الإنسان؛ فان القلم أية العلم ، والإنسان هو العالم.
ولهذا اظهر سبحانه فضل ادم على الملائكة بالعلم الذي خص به دونهم.